Boukou délire

!فیروز

تتدافع الكلمات لتخلق مكانها على الأوراق البيضاء التي وضعها أمامه. تتهادى الصور والافكار لتحاول رسم اللوحة التي شارك أو عاش جزءاً منها

فیروز تغني راجعون منذ مدة، وويردد كل كلمة ، كل رنة وكل حرف ، كأنه كاتب كلمات الأغنية أو ملحنها. أحيانا يكمل اللحن بصفير يعوض القانون أو العود. أتدري كم من مرة استمعت لهذه الأغنية ؟ لا أدري كيف أجيبه فأكتفي بعبارة خرقاء من نوع « العديد من المرات » . لم يستمع إلى جوابي فقد كان غارقا في ذكرياته ، في حكاياته حزينة كانت أم سعيدة . لن أدري ، فقد فضلت الصمت على طرح السؤال وإشباع فضولي. تنتقل فيروز إلى قطعة أخرى فيواكبها دون أن يتعثر ولو اللحظة واحدة.

فجأة توقف الوقت ، والزمان، فقط بضع أوراق حركها نسيم عذب، أكدت أن الكل حي وأنا اللحظة تستحق التمعن.

كان ينظر إلى الامكان ، شاردا ، عيناه تتابعان أشباح الماضي حين ارتسمت على مقلتيه دمعة عنيدة ، لمعت عينه ، قاومت الدمعة بعنف واستماته ، لكنها فشلت في النهاية وإندفعت الدمعة ساخنة تنحدر ببطء شديد على وجنتيه. أغنية فيروز الأخيرة أيقظت ذكريات ملیئة بحب أبوي .

تأملته بصمت ! إنها لحظة لا أستطيع أمامها إلا أن ألتزم الصمت والحب والتقدير والاحترام له. عبر هذه الدمعة العنيدة تستشعر قوة الحب المختفي في عمق أعماقه . لطالما كان قويا، عنيدا ورغم وطئ السنين فلم يسمح لنفسه أنا يبدو ضعيفا أو حساسا. لطالما لبس قناع الصلابة وارتدى لباس الحكمة وثوب المسؤول الأول والقدوة التي تطبق مبادئها كما تؤمن بها. لطالما اعتبر الدموع كنوع من الضعف…

لم أستطع فعل شيء غير تقبيل رأسه كتعبير عن مكنون مشاعر ي .

تواصلت الأغاني، وفي كل أغنية فى ذكرى، قصة أوحكاية. خرج من صمته أخيراً، يحكي حكايات عديدة وتفاصيل لا زال يتذكرها شكل دقيق رغم مرور السنين. إنشرحت تعابير وجهه، وأشرقت بابتسامة امتنان

 » أريد هذه المجموعة الغنائية على مسجلي في أقرب وقت…. هل تسدي إلى هذا المعروف ؟ « 

كيف لي أن لا ألبي هذا الطلب … فكل ما أحن إليه هو تكرار ما عشته هذه اللحظات من تجربة إنسانية.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *